- أقولك على سر ؟
قالتها وهى تفرغ كيس السكر فى فنجان الشاى الموضوع امامها، وتقلبه فى هدوءٍ واضح دون ان تنظر إليه
- أنا باشرب الشاى بالسكر لما بكون مصدعة بس
ضحكت، فابتسم تلك الابتسامة الخفيفة لتستطرد فى حديثها قائلةً
- لأ بجد، أقولك على سر؟
- قولى
- أنا يوم ما قررت إنى أحبك، كنت عارفة إنى هاتوجع اوى.
- قررتى؟ وهو الحب كمان فيه قرارات؟
- كل خطوة فى حياتنا محتاجة قرار، الحاجة الوحيدة اللى ما بناخدش فيها قرار هى لما ب"نُقَع"
تصمت قليلا، وتضع الملعقة جانبا لترفع الفنجان وترتشف منه قليلا فتراه ينظر لها متعجبا عاقدا حاجبيه
- ماتبصليش أوى كده كإنك مش فاهم!
- طب مانا فعلا مش فاهم!
- مش فاهم إيه بالظبط؟ كلامى؟ ولا إنى بحبك؟
- الاتنين!
- تبقى بتكدب.
وقبل أن يقاطعها بنظرات تحمل الكثير من التساؤلات، أكملت قائلة
- يوم ما جيتلى عشان تحكيلى كل حاجة حصلت فى حياتك قبل كده وانت لسة ماتعرفنيش، كنت مستغربة أوى زيك كده دلوقتى، وكنت دايما بسأل نفسى طب هو ليه بيحكيلى أنا كل ده، ومع ذلك سبتك تحكى عشان كنت عارفة يعنى إيه يبقى نفسك تتكلم من غير ما حد يرد عليك، إنك تلاقى حد يسمعك حتى لو مش قادر يفهمك، ومع ذلك كنت فاهماك أوى، وحاساك أوى، كنت حاسة قد إيه انت موجوع، زيى انا كده دلوقتى.
بس عارف إيه الفرق اللى بينى وبينك؟
يعتدل فى جلسته ليستمع لها باهتمام أكثر، بينما كانت لا تزال تحرك سبابتها على طرف الفنجان فى حركات دائرية مستمرة, لتكمل :
- الفرق إنك ماكنتش عارف إنك هتتوجع كده، بس انا بقى كنت عارفة ومع ذلك كنت راضية، يمكن عشان كنت حاسة إن ممكن حاجة تتغير
طبعا هتقوللى وده إيه علاقته بالحب والقرار؟
يومئ رأسه بالإيجاب مشيرا لها أن تستكمل ما كانت تقوله
- هقولك،الفكرة كلها إنى فضلت ماشية معاك لحد ما فجأة وقعت
حتى مش عارفة ساعتها وقعت عشان ماكنتش واخدة بالى ولا عشان كنت باستهبل
المهم إنى وقعت، والمشكلة إن ده اللى ناس كتير بتقول عليه الحب، بس الواقعة دى بتبقى بس مرحلة الانبهار، حاجة بتشدك أوى وانت مش فاهم ليه بس فى نفس الوقت مبسوط بيها، شوية ويا إما هتزهق منها يا إما هتبتدى تشوف فيها العيوب اللى ماكانتش باينالك قبل كده من كتر ما انتَ كنت منبهر بيها
وهنا بقى بييجى القرار، إنك تقوم تقف ولا تكمل واقع!
قالتها لترتفع ببصرها إليه، فتجده محدقا إليها فى ذهول يغلفه الصمت لتقتطعه هى بضحكتها المعتادة
- ما تمثلش بقى
- مش بمثل، بس مش لاقى رد بصراحة
- وانا مش مستنية منك رد، أنا بس باحكيلك، زى ما كنت بتحكيلى، الفكرة بس إنى باحكيلك عنك، فيمكن عشان كده انت مستغرب
- بس . . . أصل . . .
تقُاطعه فى سرعة
- انا مش بقولك كده عشان تقوللى أصل وفصل، ولا عشان أحسسك بالذنب مثلا، ماتخافش أنا أقوى من كده ميت مرة، ومش مستنية مثلا إنك تقوللى إنك حاولت تحبنى وماعرفتش
الحب مافهوش محاولات، يا آه يا لأ
- مش لسة بتقولى الحب قرار؟!
- قرار لما تبقى أصلا حاسس بحاجة ناحية اللى قدامك ده، فتقرر ساعتها إنك تحبه، إنك تكمل معاه بكل حاجة فيه وحشة وحلوة
لكن عمره ما بيبقى قرار إنك تحسه
من الآخر كده، عُمرك قررت إنك تُقَع؟
تمت.
#سلمى_عبدالوهاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق