الجمعة، 23 ديسمبر 2011

مش مهم إحنا نولع

فى خضَم الأحداث الأخيرة, و من بين كل ما يجرى حولنا كل يوم و كل ساعة, كان يجب على إعلامنا المصرى الهمام أن يولى اهتمامه للأهم فالأقل أهمية فالأقل و هكذا. و كان طبعا أهمها " حريق المجمع العلمى بالقاهرة "!!!!!.
 ما تستغربش قوى كده, آه المجمع العلمى بيتحرق, ده التارييييييييييييخ, دى كتب نادرة مش موجودة فى أى مكان تانى و على رأسها كتاب فى وصف مصر - اللى أثبتوا بعد كده ان فى نسخ منها فى مكتبة الأسكندرية, و اللى بعدها بشوية طلع سلطان الشارقة بيقول انه عنده نسخ من الكتب و انه مستعد يرممها - , و شوية كمان و نعرف ان اللى اتحرق من المجمع لا يتعدى ال 25% و الباقى كله سليم و ميت فل و عشرة. أمال ليه بقى واجعين دماغنا فى كل القنوات لمدة ثلاثة أيام تقريبا معندهمش سيرة غير المجمع العلمى.

ثانية نسيت أقول حاجة, هو ايه المجمع العلمى ده أصلا اللى طلعلنا فى البخت فجأة, على رأى واحد بيقول " آه يا مجمع منسمعش عنه غير لما اتحرق ", و محدش يقوللى مانتى اللى جاهلة و مش عارفة تاريخ بلدك, اذا كان أبويا اللى قرب عالستين ماسمعش عنه و اللى سمع عنه يبقى عارفه طشاش.


 ما هو لو بالأهمية الخارقة دى كنا عرفناه, لكن عشان يطلع كل شوية مسئول ولا مذيع ولا أى بتنجان ينوح و يعيط على الكتب اللى راحت - اللى يوم ما تتحرق ما تتعوضش لكن الانسان سهل يتعوض - و يندد بالمواطنين الشرفاء و يتهم الثوار بالبلطجة و ان مش هم دول الشباب الطاهر بتاع 25 يناير, يبقى لازم نعرف و نفهم ان الموضوع ما هو إلا تضليل إعلامى مصطنع عن كل ما يجرى,
 نظام " خدوهم فى دوكة ", طبعا ماهى الناس اللى نازلة الميدان بتدافع عن الثوار اللى ماتوا, و الثوار هم اللى حرقوا المجمع, و الجيش كان بيحمى المجمع فقتل الثوار - دفاعا عن النفس و عن المجمع -.

 إيه اللغبطة دى؟ . . . الجيش ما قتلش حد أساسا و لا ضرب نار ولا طوب ولا سحل حد ولا عرَى حد, ربنا يخليلنا الفوتوشوب بقى, و يخليلنا عمرو مصطفى اللى نور الشعب المصرى عالفوتوشوب, يقطع الفوتوشوب و سنينه ليكون هو ده الطرف التالت.
أنا مش مع حرق المجمع لا من بعيد ولا من قريب,, و معتقدش ان فى حد موافق على اللى حصل, بس لما يلهوا الناس عن حقايق و يغيبوهم من تانى و نرجع نسمع نغمة هم اللى نازلين دول نازلين ليه و كفاية خراب و دمار و عايزين أمن و استقرار, يبقى معلش ما فى داهية المجمع, آه تاريخ بس مكتوب عالورق, و احنا دلوقتى بنكتب تاريخ, بيتكتب بكل كلمة  بنهتف بيها, بكل غنوة بنغنيها, بكل صورة بننقلها, و كل رسمة بنرسمها, بكل دمعة نزلت, بكل واحد فينا عنده حلم و هدف, بدم كل شهيد ضحى بحياته عشان بلد, اللى ماسكينها هم سكاكينها, و اللى يدافع عنهم يبقى بيسنها معاهم, و لو سبناهم هنلاقى السكينة على رقابينا.

فكروا شوية فى علاء عبدالهادى طالب الطب, ولا محمد مصطفى طالب الهندسة,  ولا الشيخ عماد عفت شيخ الازهر, ولا البنت اللى اتسحلت و اتعرت - و ناس كتير للأسف سلختها هى ايه اللى منزلها كده و ليه و عشان ايه- ولا الشاب اللى اتهرى ضرب و هو بينقذها, و غيرهم و غيرهم, خلاص مابقتش عارفة لا أعد و لا أعدد. بصولهم كده و حاولوا تفهموا الحقيقة و تشيلوا الغمامة من على عيونكم و تفكروا شوية بعقولكم, و شوفوا مين فينا الجانى و مين المجنى عليه. 

 و لو لسة خايف عالبلد تتحرق, شوف فى كام قلب أم على ابنها الشهيد اتحرق, شوف كام واحد مننا دماؤه فى عروقه غليت لما عروا بنت من بناتنا, شوف كام أب يبكى و أم فى الفجر تدعى و شاب على نهايته يجرى, و لو كل دول ما أثروش فيك يبقى خللى البلد تنطفى, و مش مهم إحنا نولع.



                                                                                                                                  سلمى عبدالوهاب


لينك المقال المنشور باليوم السابع:
http://www3.youm7.com/News.asp?NewsID=563381&SecID=190&IssueID=0

السبت، 17 ديسمبر 2011

علاء ماماتش

" كنت بتفرج على أهالى الشهدا و اعيطلهم , عمرى ما تخيلت انى هكون واحدة منهم " هكذا كانت والدة الشهيد علاء عبدالهادى تحادثه عندما ذهبت إلى مستشفى القصر العينى للتعرف على جثته و التأكد من هويته.

علاء عبدالهادى هو طالب بالفرقة الخامسة فى كلية طب عين شمس, مات شهيدا جراء طلقة نارية دخلت عن طريق فتحة الأنف و خرجت من الجهة الخلفية للجمجمة. كان ينزل إلى ميدان التحرير منذ اندلاع ثورة الخامس و العشرين من يناير , بصفته ثائر حق يريد الخير لبلاده و أن يعيش فيها كريما مرفوع الرأس, و أيضا كطبيب فى المستشفى الميدانى يساعد فى تضميد الجرحى و إسعاف المصابين, و فى الكلية لم يتوانى عن تقديم خدماته لغيره من الطلبة, و له العديد من الأنشطة الطلابية و غيرها الكثير من الأشياء التى تنفى عنه صفة كونه "بلطجى".

ربما لم يعرف معظمنا علاء, و لكن رؤيته قد أبكت قلوبنا و أثارت مشاعرنا و انهمرت دموعنا فى غضب متسائلين لماذا, فكيف لمثل هذا الشاب أن يموت و هو لا يزال فى مقتبل العمر, ينتظره الغد فأقبل عليه الموت فجأة ليأخذه من دنياه إلى مثوى هو أفضل و أعلى.
لم يتخيل يوما أن تكون هذه نهايته, أن يضع الكل صورته حزنا عليه, أن يحضر الكثير جنازته, أن يخرج المتظاهرون فى مسيرة يهتفون باسمه مطالبين بحقه محتجين على موته.

و بعد كل ذلك نجد من لا يزال يصم من فى التحرير بالخيانة, و من يبرر ضربهم, و من ينكر قتلهم.
و هنا يأتى السؤال, إلى متى سنظل نجد من يتهم الثوار بالبلطجة لمجرد اختلافنا معهم, إلى متى سنظل نرى من يرى أن المجلس العسكرى هو حامينا اللى بيحمينا, إلى متى سنظل نسمع من يقول " أصلهم يستاهلوا ".
أصلهم يستاهلوا فعلا لأنهم تساهلوا عن حقوقهم و صدقوا الهتافات التى دوت فى آذانهم و علقت فى أذهانهم, و لو فضلنا ساكتين, شوية و هيجرالنا اللى جرالهم و هنبقى ساعتها بجد نستاهل اللى جرالنا.

قتلوا الشيخ و الطالب و الدكتور, كم يلزمكم من القتلى كى تفيقوا من غفلتكم و تعوا أن كل ما يحدث حولنا ما هو إلا مسلسل طالت حلقاته, تدور فى عجلة الإنتاج و شرعية الانتخابات من أجل وهم الاستقرار.
الاستقرار فى إيدنا مش حد تانى و بإيدنا هنرجع حق اللى راحوا,علاء كان عنده حلم و احنا اللى هنحققه, و لو النهاردة مات علاء, بكرة يطلع مليون علاء, عشان هو عايش جوة كل واحد فينا لسة ماماتش, و يوم ما علاء يموت يبقى احنا السبب.

فإلى العلاء يا علاء, و إن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و إنا على فراقك لمحزونون و لا نقول إلا ما يرضى ربنا إنا لله و إنا إليه راجعون.


سلمى عبدالوهاب

المتابعون