الأربعاء، 19 يونيو 2013

مين طفَّى النور ؟!

بصعوبةٍ, يرفع أجفانه المثقلة بالهموم, وكأنه يحاول أن يقاوم تلبية نداء الاستيقاظ. 
يفتح عينيه, ليجد نفسه فى غرفة مظلمة, حالكة السواد, شديدة الحرارة, حتى كاد يشعر بأن جسده قد بدأ بالذوبان فى عرقه المتصبب من جميع الأنحاء, فيرفع عن جسمه الغطاء, يمد أنامله إلى جواره, يتحسس المكان من حوله باحثا عما يضئ به تلك الغرفة, فلا يجد, يحاول عابثا مرة أخرى أن يبحث عن أى ورقة أو كتاب يقوم بالتهوية بها, فلا يجد, فيضرب كفا بآخر متذمرا :

" الله يخرب بيتك يا مرسى, على الكهربا اللى بتتقطع كل شوية دى, وفى الجو الحر ده "

يحاول أن يعتدل فى جلسته, ولا تزال أجفانه فى وضعية الاستعداد, تنغلق بين الفينة والأخرى, إلى أن بدأ يستمع إلى بعض الأصوات القادمة من الخارج, ليعى أن ذلك صوت والدته تتحدث إلى شخص آخر, فيطرق لهما أذنا ليسمع ما يقولون 

- أنا آسف, مفيش فايدة, إحنا عملنا كل اللى علينا

" كل اللى علينا إيه بس يا عم انت كمان, والنبى تسيبوهالنا واحنا هنظبط كل حاجة, مش كفاية مقعدينا 30 سنة فى الهم ده "

- بس لازم يكون فيه حل, معلش, حاول, فكر فى أى حاجة

" أيوة كده يا ست الكل إديله, أنا طول عمرى بقول إنك ثورية بس مش باين عليكى "

- أنا والله ما عارف أقولك إيه, انا مقدر موقفك, بس عامة هنعمل  محاولة أخيرة, لو ماجابتش نتيجة يبقى خلاص كده

" أيوة كده خلى عندك امل, انا عندى إحساس بردو إن يوم 30-6 ده أكيد هيحصل حاجة وكبيرة إن شاء الله "

يتوقفان قليلا عن الكلام بالخارج, ويسمع أصوات غريبة, فيعود للنظر إلى غرفته

" وبعدين بقى فى النور اللى مش راضى يرجع ده, أنا هقوم بقى وأمرى لله, أهو أقعد مع امى برة فى البلكونة ولا حاجة, والراجل اللى معاها ده . . . ألا صحيح ده يطلع مين, تلاقيه واحد من خلانى ولا حاجة "

يزيح عن بقية جسده الغطاء, يحاول أن ينهض فلا يستطيع, حتى إنه يفشل فى تحريك قدميه. يحاول مرة أخرى فيشعر بوخز وتنميل فى ساقيه, يرفع ذراعيه فلا يحملهما لأكثر من خمس ثوانٍ, ومن ثمَّ يسقطان بجواره لا يشعر بأيهما, فيصاب بالذعر.
فجأة, يومض فى وجهه ضوء أبيض غريب, يكاد أن يعمى عينيه, ويشعر بتيار شديد البرودة يسرى فى جسده, فيصرخ :

" يا مامااااااا . . . حد يلحقنى يا جماعة, انا مش عارف أتحرك . . .
هو إيه النور قبل ما يقطع كان حد مشغل التكيف عالقطب الشمالى ولا إيه . . . مينفعش الهزار ده, أنا كده هموت م البرد . . .
يا جدعان حد يلحقنى!  هو ليه محدش بيرد ؟! . . . هى الناس راحت فين ؟! . . .
يا ماما . . . يا ما . . . "


                          بيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب



- إكتب عندك يابنى,   تاريخ الوفاة . . . 





                                                                                                        -تمت-
                                                                                                - سلمى عبدالوهاب -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون