حبيبتى,
أكتب إليكِ تلك الرسالة وأنا لا تفصلنى سوى بضع ساعات وأرحل عن أرض الوطن . . .
سأرحل وأنا لا أعلم إن كان رحيلى هذا بحثا عن فرصةٍ جديدة, أم أنه فرصة لأهرب بعيدا . . .
سأرحل, أما قلبى فباقٍ, ولا أدرى إن كنت سأستطيع البقاء طويلا دون رؤية وجهك . . . ذلك الوجه الذى كان دائما ما يحيل حياتى نورا بمجرد أن أنظر إليه . . . هاتين العينين اللتين كانا يشعان بريقا فى الفرح والبكاء . . . وتلك الوجنتين اللتين يحمران خجلا كلما قلت فيكِ شعرا . . . وتلك الشفاه حين تتحدثين يجعلان لكل شئٍ فى الحياة معنى . . .
سأرحل, ولكن قبل ذلك يجب علىَّ أن أقدم لكِ اعترافا, لم أعترف به لنفسى قبل أن أخط تلك الكلمات, فلم أكن حقا أعرف, فقد كنتُ وما زلت أحبك . . . نعم, أحبك, رغم كل تلك السنين . . . أقولها لكِ الآن, ولأول مرة, أحبك . . . فقد كنتِ دوما أنتِ من ألجأ إليه, ولم أكن يوما لأرتاح سوى معك, كنت أنت من تفهميننى, وتحملين عنى أسرارى, كنت من يبادر بالوجود, فى نفس الوقت الذى كنت أبحث فيه عنكِ فى أُخرى . . . فَيَوم شعرت بأنك لن تكونى لى, لم أتحمل فكرة خسارتك, فآثرت على الاحتفاظ بك معى, وعملت جاهدا كى أجد مثيلتك, وكم كنت أحمقا حين ظننت يوما بأننى سأعثر على من تضاهيك فى كل شئ, فسامحينى حين خُنتك, واعذرى حماقتى, فأنا لم أخنك إلا لأكون معكِ . . .
سأرحل, دون أن أودعك, فكم أكره لحظات الوداع . . . ولكننى كنت أتمنى أن أرى وجهك لمرةٍ أخيرة قبل الرحيل . . . أن أراك تبتسمين, فيبتسم قلبى . . . أن أسمع صوتك فتستكين روحى . . . أن أحمل يديك بين يدىَّ وأمنح لنفسى فرصة أخيرا بأن أحلم ان تكونى هَدِيَتى . . . سأحلم بأن أعود فتصبحين أميرتى . . . لذلك أكتب لكِ, حتى لا أفقد الأمل الأخير الذى قد يكون يوما سببا لعودتى . . .
سأرحل إذن, وأريدك أن تعلمى أننى ما كنت لأرحل إلا لأننى أحبك.
-سلمى عبدالوهاب-
-سلمى عبدالوهاب-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق